البوست دة كوبي من صفحة محمد أمير - اللينك تحت -
زي العادة في نفس اليوم على مدار ٤٧ سنة بيتم طرح نفس التساؤل وهو : هل مصر كسبت حرب اكتوبر فعلا؟ هل هو انتصار؟
الحقيقة ان السؤال ده مش سؤال مصري بحت انما هو سؤال عالمي لواحدة من اشهر الصراعات على مستوى العالم كله، على سبيل المثال فا فيه ثريد مطروح على موقع كورا بيطرح نفس السؤال وبيجاوب عليه خبراء عسكريين من كل حتة في العالم حتى من قوات العدو، وفي اجاباتهم اللي موافق انه نصر واللي بيقول هزيمة، وكل واحد ووجهة نظره، ده يخلي الاجابة على السؤال فعلا مش سهلة.
هنعتمد على كورا ونحلل الموضوع بشكل بسيط بعيدا عن المصطلحات العسكرية او تفاصيل الحرب نفسها، يعني هاخد وادي معاكو كدة بالحب زي ما بنقعد مع بعض عالقهوة.
بص، نقدر نقول ببساطة ان لو بصينا من فوق، لو طرنا كدة وبصينا من فوق، هنلاقي ان مصر انتصرت في الحرب انتصار منقطع النظير بعكس ما البعض بيروج وبيستشهد بالثغرة مثلا او بنتائج المفاوضات، وان المكاسب المصرية تفوق المتوقع بمراحل، هتقولي ازاي هقولك ..
مكاسب اي حرب في الدنيا بعكس منتا مقتنع مبتكونش مكاسب عسكرية فقط، انما بتكون مجموعة من المكاسب اللي بيكون متخططلها من بداية الحرب نفسها، منها مكاسب مادية ومكاسب عسكرية ومكاسب معنوية ومكاسب استراتيجية وسياسية الخ، ودول بيتحسبوا على حسب الجو العام لطبيعة الصراع نفسها وتاريخه بين الجهتين المتحاربتين، هديك مثال.
المغول كانوا دولة لا تقهر، عدد لا نهائي من المقاتلين، جيش جاهز ووحشي محدش يقدر يقف قدامه لدرجة ان الصليبيين نفسهم خافوا منهم، بسبب اسطورتهم بأنهم جيش لا يقهر كانت عواصم الشرق بتسلم مفاتيح المدن لقادتهم بدون حرب، محدش هيقدر عليهم مهما حصل، الا ان المماليك استغلوا حادثة واحدة بسيطة وهي ان اغلب الجيش رجع عشان يختاروا قائد جديد بعد وفاة الخاقان وسابوا فلولهم بس هنا، استغل قطز وبيبرس ده وحاوطوا البواقي بتاعتهم بطريقة الكماشة وقدروا انهم يحققوا اول هزيمة ساحقة في تاريخ المغول كله،
مع انهم مكانوش الجيش بكامله انما اعداد لا تقارن بقوة جيشهم، ومش هولاكو حتى، الا ان الهزيمة اللي لاقوها دي في عين جالوت كانت مكاسبها الدعائية والسياسية اكبر بمراحل لو كان المسلمين كلهم اتحدوا وقرروا يحاربوا المغول، لان الهزيمة دي فرضت شكل تاني للصراع فيه قوة جديدة بتطلع وتسبب تهديد وهي المماليك، بمعنى تاني كان قلم تغفيلة من لبلب على وش عنتر، القلم ده رفع نجم المماليك كقوة جديدة تقدر تحارب، وكسر فكرة ان المغول مبيتهزموش، واتحول بعد كدة الخوف حتى في الامارات الداخلية التابعة للمغول لشجاعة سببت ثورات وانقلابات قدرت تقضي في النهاية على دولة المغول الى الابد، فاهم المكسب كان فين؟
امثلة تانية كتير على ده ما حدث في فيتنام خلال الحرب الامريكية، التهديد الكوري الشمالي لامريكا على الرغم من ان قوة الولايات المتحدة العسكرية تفرم كوريا، حرب الخليج الاولى مع ايران والهزيمة في تحرير الرهائن اللي كسرت شوكتهم، تاريخ الفايكنج مليان، لو قريت حاجة لميكيافيللي هتفهمني، وهو القفا اللي بتديه لعدوك على غفلة عشان يعملك حساب بعد كدة، وده اهم مكسب تقدر تطلع بيه من حرب، كسر الهيبة.
نيجي بقا للمكاسب اللي قدرت مصر تحققها في خضم الصراع العربي المعروف بس نفهم الاول الوضع كان عامل ازاي..
مصر قبل ١٩٧٣م حاولت تفاوض على سينا، حتى ان مجلس الامن اصدر قرار بالرجوع على حدود ما قبل ١٩٦٧م لكن العدو رفض انه حتى يتفاوض بشكل رسمي او ينفذ القرار وده اللي كان هيفضل حاصل، وكان الصراع عبارة عن حرب استنزاف حاول فيها جمال عبد الناصر انه يستنزف القدرات العسكرية لعدوه عن طريق انهاكه في صراعات ومناوشات وعمليات صغيرة ظنا منه انهم مش هيقدروا يكملوا في حرب طويلة الامد، لكن المعروف ان مصر وقتها مكنش ليها هيبة بعد الهزيمة، مجرد دولة مهزومة ملهاش كرسي تقدر تقعد عليه وتتكلم.
العدو كان على حجر امريكا حرفيا، وهما مأمنين نفسهم كويس جدا على ارض الواقع، مثلا خط بارليف اللي بناه حاييم بارليف على غرار خط ماجينو الفرنسي ابان الحرب العالمية لصد عمليات جمال عبد الناصر الاستنفازية، وهو مش مجرد ساتر ترابي وبس، لا دا كان عبارة عن هيكل هندسي متكامل وراه عشرات الحصون والدشن ووسائل الاتصال والدبابات والالغام وارتفاعه ٢٠ متر ومبني بإستخدام الرمال اللي رماها ديليسبس في المكان ده ايام ما كان بيحفر قناة السويس، وكمان مبني عالبحر مباشرة من غير شط يقدروا يرسوا عليه، واخيرا امنوا المية نفسها بالنابالم، يعني استحالة هيعرفوا يعبروا.
بجانب ده، دولة العدو كانت بتروج كويس اوي لجيشها بأنه جيش لا يقهر ولا ينهزم، ايوة جيش منهزمش من ساعة ما عملوا دولتهم، وكانت سياساتهم الخارجية سياسة هجومية من منطلق قوة، فا انتا دلوقتي عندك امريكا والسوفييت فوق، واللي عالكرسي هما، وانتا ملكش قيمة تذكر غير انك دولة بتصارع وتخبط وخلاص، ومستحيل تعرف تحارب ولا تجهز مهما حصل، ولو حصل هتعدي بارليف ازاي؟ لدرجة انهم بنوا نوادي وحمامات سباحة ورا المط من كتر ما كانوا متطمنين، لا طيارة هتنفع تضرب ولا دبابة هتعدي، فاهم الجو العام؟
احسب معايا بقا مكاسب الحرب الحقيقية.
- الغاية الاساسية من الحرب كان التحصل على ورقة مهمة تضمن جلوس مصر على كرسي ند بند قدام العدو في المفاوضات، ترجع الهيبة تاني وتبقا بتتكلم وانتا واثق من نفسك ومعاك اللي تساوم بيه، وده حصل لما العبور نجح وسيطر على كيلومترات من ارض سيناء، وده اول مكسب في الحرب اللي طول فترة الحرب كان الجيش المصري بيدافع عنها، الحفاظ على اللي نجحوا يرجعوه من الارض.
- تاني مكسب كان كسر الهيبة، هزيمة اللي مبيتهزموش بعد هزيمتين ١٩٤٨ و ١٩٦٧، وده اللي حصل لحد ما تم اعلان وقف اطلاق النار، الخيبة اللي صابت الرأي العام هناك والمعجزة الحقيقية في ان الاسطورة تم هدمها، وده اللي هيحول دولة العدو لحد النهاردة من دولة هجومية لدولة دفاعية خايفة تعمل حاجة ليحصل نفس اللي حصل، فا تغير سياسة الهجوم لسياسة الدفاع الى الابد دا كان تاني وتالت مكسب للحرب.
- المكسب الرابع كان استعادة الهيبة العربية، وصعود مصر كطرف وحليف جديد يقدر يحل محل العدو فيما بين الصراع الامريكي السوفييتي المسيطر على العالم وقتها واللي لحد النهاردة يعتبر مكسب مهم لمصر خارجيا، بعد ما كان عدوك هو المسيطر الوحيد، بقا فيه مصر اللي تقدر تحل المحل ده وتبقا حليف جديد وقوي، رسالة قدروا يوصلوها بسهولة ان احنا كمان نقدر نحارب لو عايزين، فكرة انك تقدر تحارب مش مهزوم بس دا مكسب مهم جدا جدا كفيل يسبب خوف مستقبلي لعدوك لو قرر يغير سياساته بعد كدة.
- المكسب الخامس هو المكسب العسكري والاقتصادي بعد السيطرة على مساحة واسعة من السويس وسيناء اللي هيتم استخدامهم بعد كدة في مفاوضات استعادة الارض وانهاء الحرب بعملية السلام اللي هيقترحها السادات بعد سنين من الحرب دي، واللي قدر انه يرجع معظم الاراضي المصرية المحتلة بالتفاوض في مقابل بعض التنازلات والحقوق هتروح ليهم، ودي فيها كلام كتير بس هيودينا لسؤال تاني وهو هل مصر لو كانت كملت في الحرب ومحصلش وقف اطلاق نار كانت هتكسب ولا هتخسر؟
دا بردو سؤال اتطرح، والنتيجة عالورق بتقول ان مصر كان ممكن تعملها لو وفرت امدادات من خلف منطقة الصراع والمعروف ان الحروب الطويلة هتكون في صالحنا جغرافيا وعددا، بس انتا بردو ايه اللي ضمنك النتيجة؟ زي ما كان فيه ثغرة ممكن يبقا فيه اتنين وتلاتة، ممكن امريكا تتدخل بشكل اقوى، وبدل ما تكون حرب لتحرير سيناء يبقا احتلال للقاهرة، والموقف الامريكي كان متحيز جدا وده بان في اكتر من موقف، اظن احنا وقتها اكتفينا باللي قدرنا ناخده واستخدمناه صح بعد كدة في المفاوضات .
فا اه، بالحسابات، انتصرنا، انتصار عسكري واجتماعي ونفسي وسياسي واستراتيجي مهمين جدا، كفل لمصر والدول العربية كلها انهم يبقا ليهم صوت مسموع قدام العالم، وكسر نفس العدو للابد، ويكفي ان بعد وقف اطلاق النار العدو شكل لجنة اسمها "لجنة اجرانات" قامت فيه بالتحقيق في اسباب الهزيمة، بعد ما الرأي العام كله هناك اتقلب على قادتهم، وكل رجال الحكومة اتعرضوا للمسائلة وخرجوا بتقرير عبارة عن ١٥٠٠ صفحة ممنوعين لحد النهاردة من النشر وتم فيه اقالة رئيس المخابرات هناك، والكل تبرّأ من الهزيمة ومن خط بارليف ومن كل حاجة حصلت وقتها.
فا انتا حققت المعجزة اللي هتفضل معلمة على قفا حبايبك، عبرت الخط اللي كان لا يقهر بخرطوم مية والله، خططت كويس واستخدمت كل حاجة ممكن تتعمل من عامل الوقت لاتجاه الشمس للخدعة وايهام الاعداء بعدم كفائتك في الحرب، وقدرت انه يبقا ليك وزن تاني بعد الهزيمة، فا لو انتا حلمك بالنصر او خيالك بالنصر عكس اللي حصل "وانا معاك" وان المفروض كانت تبقا حرب تحرير حقيقية ونروح نهزم الاعداء في بيوتهم، فيؤسفني اقولك ان ده نصر بعيد الامد اتمنى اشوفه معاك في يوم من الايام، لكن ده ميمنعش ان مصر من ٤٧ سنة حققت نصر مهم جدا لحد النهاردة بيتعالجوا منه وبيحاولوا يداروا خيبتهم بالكذب والتحوير وانه يقنعك انك منتصرتش وانه نصر وهمي.
فا اه انتا حاربت وانتصرت لانك حققت اللي انتا خططتله بالحرف، ورقة الضغط، الهيبة، التحالف، وقف الحرب، تغيير استراتيجية العدو من الهجوم للدفاع، استعادة الهيبة، والمكاسب الاقتصادية من امريكا والتعويضات جراء استنفاذ بترول سيناء وغيرهم، مدام فيه اهداف والاهداف اتحققت، فا ده اسمه نصر، هوا ده النصر بعينه.
الكلام اللي انتا قريته فوق ده مش كلامي انا، دا كلام وتحليلات كتير تقدر تقراهم على كورا لو حابب تفهم هحطلك لينكات وتقدر تقرا بنفسك تعليقات الخبراء الاستراتيجيين اللي منهم ناس من هناك، واللي هوا تقريبا نفس الكلام اللي قدامك ده، واتمنى النصر الحقيقي اللي في خيالك نعيشه سوا في يوم من الايام.
لينك البوست الأصلي من صفحة محمد أمير والمصادر هتلاقوها في أول كومنت عنده.